أشاد وسام فتوح أمين عام اتحاد المصارف العربية، بقصّة نجاح الاستراتيجية الاقتصادية المذهلة التي طبقتها مصر خلال العقد الماضي، والتي تميّزت بالمرونة والابتكار والبصيرة. حيث أظهرت مصر، مرّةً أخرَى، قدرتُها على التكيف والنمو والقيادة في بحرٍ متلاطمٍ من التحديات الاقليمية والدولية.
وقال فى كلمته امام ملتقى تعزيز الامتثال لتشريعات وضوابط مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب وضمان حماية البيانات المصرفية، الذى يعقده اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب، والبنك المركزى المصرى واتحاد بنوك مصر تحت رعاية محافظ البنك المركزى حسن عبد الله، أنه فيما العالم يشهد نزاعات جيوسياسية وتجارية غير مسبوقة، وبعضٌ من دولنا العربية تعاني من ضغوطات سياسية، وأمنية، واقتصادية هائلة، كانت مصر تُثبت أنّها وحتى في ظلّ أصعب الظروف الدولية والاقليمية قادرة على مواجهة تداعيات ما يحدث حول العالم وفي الاقليم، بل وأثبتت إنّها قادرة على تحويل التحديات الى فرص، وذلك في ظلّ حكمة وبصيرة قيادتها.
وأضاف فتوح، أثبتت مصر قدرتها ببراعة على أنّها أهلٌ للثقة، وبأنّها مُدركة ومُتبصّرة ولديها بُعد نَظَر. ونتيجةٍ لذلك، تلقّت مصر خلال الاشهر القليلة الماضية نحو 50 مليار دولار من التدفقات المالية، بشكل استثمارات مباشرة أو حُزم تمويلية. ومن المؤكد أنه سيكون لهذه التدفقات المالية تأثيرات ايجابية على مختلف النواحي الاقتصادية والمالية والمصرفية.
وقال: “الحقيقة أنّ هذه الاستراتيجية الاقتصادية المصرية ليست وليدة الأمس، فقد كانت السنوات العشر الماضية بمثابة تحوّلاً جذرياً بالنسبة لمصر، وتحديداً فيما خصّ الإصلاحات الاقتصادية الشاملة التي أرست الأساس للنمو والتنمية المستدامَين. وتضمنت هذه الإصلاحات تحرير سعر صرف الجنيه المصري تدريجياً، والإلغاء التدريجي لدعم الطاقة، وإعتماد ضريبة القيمة المضافة، عدا عن مروحة واسعة من التعديلات التشريعية والتنظيمية. وقد أدّت هذه الخطوات الصعبة، ولكن الضرورية، إلى استعادة الاستقرار المالي وتعزيز ثقة المستثمرين. ونتيجة لذلك، فقد حقّق الاقتصاد المصري انتعاشاً كبيراً خلال الفترة 2014-2023، حيث بلغ المتوسط السنوي لمعدّل نمو الناتج المحلي الإجمالي نحو 4.4%، وهو من أعلى معدلات النمو الاقتصادي في العالم”.
وبحسب بيانات صندوق النقد الدولي، فقد تضاعف حجم الناتج المحلي الاجمالي لمصر أكثر من خمس مرات، ليقفز من نحو 2 تريليون جنيه بنهاية عام 2013، الى أكثر من 10 تريليون جنيه بنهاية العام 2023، (طبعاً نتكلّم عن القيمة الإسمية – أمّا القيمة الفعلية بحسب تغيرات سعر صرف الدولار 2,3 ضعفاً). وعلى الرغم من النمو السكاني المرتفع في مصر الذي ازداد بنحو 25% خلال العقد الأخير، فقد قفزت حصّة الفرد من الدخل القومي بأكثر من 400% مقيّمة بالجنيه، وبأكثر من 100% مقيّمة بالدولار الأميركي – وتجدر الإشارة أيضاً أنّ حجم الاحتياطات الاجنبية لدى البنك المركزي إرتفعت من 16.5 مليار دولار بنهاية عام 2013، إلى 41 مليار دولار بنهاية 2023.
كما لا بدّ من الاشارة هنا الى أنّ النمو الاقتصادي وتدفقات الاستثمار قد أدّت إلى خلق مئات آلاف فرص العمل الجديدة للمصريين، ما أدى الى تراجع نسبة البطالة الاجمالية من 13% الى 7.2% بين عاميّ 2013 و2023. وتحديداً، انخفضت نسبة بطالة الاناث من 24.1% الى 13.4% خلال الفترة المذكورة، ودائماً بحسب بيانات صندوق النقد الدولي.
وأشار إلى أنه لا شك أن التزام مصر بتطوير البنية التحتية، كان بمثابة حجر الزاوية في استراتيجيتها الاقتصادية. وقد كان مشروع توسّع قناة السويس، الذي اكتمل في عام 2015، إنجازاً هائلا أدى إلى مضاعفة قدرة القناة، مما أدّى أيضاً إلى زيادة كبيرة في إيرادات أحَد أكثر الطرق البحرية حيوية في العالم.
وقال لا بدّ هنا الإضاءة على قصّة نجاح أخرى، وهي صناعة السياحة في مصر. فمن خلال الاستثمار في التدابير الأمنية، والحملات التسويقية، والبنية التحتية – من طرقات ومباني وجسور وتكنولوجيا وإبتكار – استعادت مصر مكانتها كوجهة سياحية أولى. وتشير الاحصاءات الاخيرة أنّ عدد السياح إلى مصر بلغ خلال العام 2023 قرابة 15 مليون سائح، مقارنة بنحو تسعة ملايين عام 2013.
وقال، أن العقد الماضي كان فترة من التنمية الاقتصادية المميزة في مصر. ومن خلال الإصلاحات الاستراتيجية، ومشاريع البنية التحتية الطموحة، والتركيز على الابتكار والتنمية الاجتماعية، أرست مصر أساساً قوياً للنمو المستقبلي. وتقف اليوم مصر على أهبة الاستعداد لمواصلة مسارها التصاعدي، والاستفادة من موقعها الاستراتيجي ومواردها الغنية وشعبها الديناميكي. إنّ الرحلة لم تنته بعد، ولكن التقدّم الذي تمّ إحرازه حتى الآن هو شهادة على ما يمكن تحقيقه من خلال الرؤية والتصميم والجهد الجماعي.